About Me

My photo
"J'ecris pour me decouvrir."- a French writer

Saturday, August 20, 2011

الساقية


أول مرة أحس فعلاً إني عايزة أكتب بالعربي، يمكن من كتر الخنقة وحالة القرف اللي وصلت ليها واللي مش قادرة استحملها أكتر من كدة.

النهاردة سألت نفسي، "احنا عايشين ليه؟" "ليه بنتعب نفسنا ونشتغل ونجري على لقمة العيش وساعات نتصارع عليها؟" "طيب ليه لما بيجيلنا رزق بنفضل نبص للي في إيد غيرنا ومنحمدش ربنا عليه؟ أو ليه ساعات كل ما بيزيد اللي في إيدنا بيزيد معاه طمعنا وضعفنا قدام كل حاجة مش صح؟ وليه متشعلقين في كلمة "الرفاهية" أو "الرقي" أو غيرها من الكلام الفارغ اللي بنضحك بيه على نفسنا ونحاول نقتنع إن ده فعلاً الصح وإن الحياة ملهاش طعم غير لما يكون عندي كل اللي بحلم بيه أو أكتر شوية؟"

أسئلة كتيرة وإجابات صعبة. امبارح والنهاردة كانوا يومين مش معقولين، امبارح كنت بتمشى في شوارع إسكندرية القديمة (محطة الرمل والمنشية) وشفت الناس وهي بتجر عيالها في الشوارع عشان يجيبولهم هدوم العيد، نفس النظرة الغريبة اللي مليانة فرحة بالعيال وفرحتهم ومليانة برضه يأس من الظروف الهباب والفقر والأسعار اللي عمالة تغلى كل يوم حتى بعد الثورة والناس عمالة تسأل نفسها (بكرة حنعيش إزاي ونعيّش عيالنا؟)

النهاردة، كانت المفارقة غريبة شوية، رحت بقى إسكندرية الجديدة اللي هي الداون تاون وكارفور والأماكن الحلوة اللي كل حاجة فيه مختلفة، متحسش فيها إنك في مصر. ممكن تحس إنك في الخليج أو أوروبا، السلع على كل لون وأسعار غالية نار، بس المرة دي الناس معندهاش مانع إنها تدفع أسعار خيالية عشان تجيب شنطة لوي فيتون ولا ساعة رولكس. مجتمع بتقاس فيه البنت من نوع "بنت الناس" اللي بتلبس شيك وبتجيب لبسها من تركيا وإنجلترا وبتحط ماكياج من أغلى الأنواع وعطور من أحلى ما يكون، مجتمع بتقاس فيه البيوت المحترمة بنوع السجاد المفروش فيه وإذا كان إيراني ولا لأ، وإذا كان الكريستال بوهيمي ولا مضروب، مجتمع الناس بتعمل مغمضة عن قيم جميلة أهلنا الكبار كانوا بيتكلموا عنها وبقينا نسمعها زي ما بنسمع أي حكاية حلوة بنتشوق لها وبعدين ننساها، قيم زي الحب والأخلاق الفاضلة والتقاليد اللي أنا لسة شايفة إنها مش متخلفة، مجتمع بقت كل حاجة فيه مزيفة، مجتمع بتقاس فيه الزيجات الناجحة بمكان إقامة الفرح والعفش اتجاب منين والعروسة لابسة فستان جايباه من عند مين والعريس بيقبض كام.

المفارقة العجيبة بين امبارح والنهاردة، طلعت منها باستنتاج واحد إننا شعب مطحون، أيوة مطحون سواء كان فقير أو غني، هو لسة مطحون، الفقير بيدور على لقمة عيش عشان ربنا يكرمه بعيشة أحسن ويطلعه من الظروف الهباب، والغني برضه بيتصارع مع غيره عشان الفلوس اللي في جيوبه تزيد، وبدل الشقة يجيب فيلا وبدل العربية يجيب 4 ويصيف برة مصر عشان مظاهر اجتماعية تافهة ملهاش أساس، احنا اللي بدعناها عشان نترسم على بعض وعشان نقنع بعض إن في طبقية وإني أحسن من غيري، وإن في غيري أحسن مني لازم أبقى زيه عشان أحس بمتعة الحياة.

قلت لنفسي طب ايه يا نهى أسيب الدنيا دي وأعيش لوحدي واستريح من كل الصراعات دي وأطلع من الساقية اللي حطيت نفسي فيها أو اتجريت ليها، فكرت الناس حتقول ايه. حيقولوا "معقدة" أو بلغة فصيحة "عدوة مجتمع" أي مجتمع منافق يقبل بكل اللي بيحصل ده، ظروف اجتماعية في الحضيض، قضايا سياسية مبهمة ومستقبل غامض بحس ساعات إنه تمثيلية واحنا بنتحرك فيها زي العرايس.
احنا بقينا زي الثور في الساقية، مغميين عينينا وماشين بنلف حوالين نفسنا ومش داريين بحاجة، وفاكرين إن العالم بتاعنا ده آخر حاجة في الدنيا ومش عايزين نشيل الغيمة اللي على عينينا ونشوف الدنيا الحلوة اللي ربنا خلقها عشان نستمتع بيها، بس احنا بكل سذاجة سيبنا الحياة المرتاحة والمرضية ومشينا ورا "الرفاهية" اللي وديتنا في داهية وخليتنا عايشين في الظل.

No comments:

Post a Comment